تنبيه: احذر من المواقع الاحتيالية وعمليات التصيد الاحتيالي. اعرف المزيد.

image description

قوة الأفكار

حتى يومنا هذا وبعد مضي أربعين عاماً، ساهم موظفو شركة الإمارات العالمية للألمنيوم بأكثر من نصف مليون فكرة منذ بداية إطلاق برنامج اقتراحات الموظفين في العام 1981، إلا أنّ اقتراحاً معيناً سيخلد في ذاكرة كالاشور راجوناتان.

ساعد الاقتراح المذكور الشركة في توفير 70 مليون درهم "على الأقل" منذ أن دخل حيز التنفيذ في عام 2006. تضمّن هذا الاقتراح البسيط تحسين عمليات توليد الكهرباء وإنتاج الماء من التوربينات المُنتجة للبخار من خلال تحويل اتجاه مياه الصرف.

قال كالاشور راجوناتان، بطل قصتنا المعروف بين زملائه باسم راجو: "جرت العادة أن تسحب محطات التحلية الماء من منطقة مصدات الأمواج وتخرج مياه البحر إلى نفس المكان، مما يؤدي إلى إعادة تدوير المياه". وأضاف: "ولكن حين قمنا توجيه مصارف المياه إلى الجانب الشمالي بعيداً عن مصدات الأمواج، أدى ذلك لانخفاض درجة حرارة المياه الواردة عند سحبها. وهذا يؤدي إلى توفير ما يقارب 6,6 مليون درهم سنوياً في تكلفة توليد الكهرباء وإنتاج المياه".

وتابع راجو: "عند طرحنا للفكرة بدى الأمر بديهياً، ولكنه يتطلب من الفريق أن ينظر إلى الأمور من زاوية مختلفة ليدرك ذلك".

انتقل راجو من مومباي إلى الإمارات، والتحق بعمله في شركة الإمارات العالمية للألمنيوم بتاريخ 29 يونيو 1992، وأمضى فيها 30 عاماً يشهد له فيها بإخلاصه وتفانيه.

بدأ راجو عمله مشرفاً في قسم السلامة في الشركة، إلا أنه تولى إدارة برنامج اقتراحات الموظفين في عام  1995. وقال متابعاً حديثه عن تلك الفترة: "في تلك الفترة كنا نتلقى 3000 إلى 5000 اقتراح سنوياً".

أما بالنسبة للوقت الحاضر، فيقول راجو والذي أصبح من أكبر المتمرسين بالبرنامج: "نتلقى حالياً ما بين 20,000 إلى 25,000 اقتراح سنوياً، وسجّل عام 2018 أعلى معدل حيث تلقينا 38,000 اقتراح". 

وقد لعب راجو دوراً رئيسياً في تصميم وتنفيذ النظام الرقمي، والذي يعتبر اليوم الوسيلة الأساسية لتلقي العدد الهائل من الاقتراحات والإطلاع عليها بشكل سريع ومنظم. ومع أن كل شيء أصبح رقمياً في العالم الحديث، إلا أن الانتقال من النظام الورقي إلى الرقمي لم يكن بالأمر السهل عندما حدث ذلك قبل أكثر من 20 عاماً، حيث أن أغلبية الموظفين الذين يضعون هذه الاقتراحات هم فنيون يعملون في المصنع مع خبرة قليلة في استخدام الأجهزة الرقمية.

قال راجو: "في البداية، حاولنا تجاوز العقبات مبدئياً وقمنا بطرح نظام آخر لتقديم الاقتراحات يوفر حوافز إضافية وقد كلل بالنجاح. في العام 1999، لم يكن أصحاب الاقتراحات ملمين بطريقة استخدام الكمبيوتر واستطعنا تعليمهم كيفية استخدام النظام وساعدنا على توفير التعليم اللازم لهم، وعندما تأكدنا من تمكّن الموظفين وسهولة استخدامهم للنظام الجديد أصبحت عملية تقديم الاقتراحات أكثر تطوراً والذي ساهم على رواج البرنامج نفسه".

إن خبرة راجو الكبيرة التي امتدت لعقود طويلة جعلته يدرك أن "قوة" برنامج اقتراحات الموظفين تكمن في قيام الموظفين بالعمل على تطوير وبناء أرث للشركة بأيديهم بمساعدة هذا النظام الإبداعي المتميز والذي يعزز تفاعل الموظفين ومشاركتهم.

وتابع راجو، الحاصل على درجة البكالوريوس في التجارة من جامعة كيرلا في الهند، قائلاً: "يشجع برنامج اقتراحات الموظفين على المساهمة بأفكار بناءة تعزز تطوير الشركة من قبل العاملين بها". وأضاف: "يحقق هذا البرنامج مصالح جميع الأطراف كاللموظفين أو الشركة. فالموظف الذي يعمل في المصنع ثلث يومه  يدرك بالتفصيل ما يجري في مكان عمله ويعلم ما يحدث لمعداته. لو كان عملي مكتبياً فربما كان لدي نظرة عامة عما يحدث، ولكنني لن أدرك التفاصيل برمتها ولن أعرف حجم تأثيرها".

"ومن هنا انطلقنا بالبحث عن فكرة من اقتراح الموظفين تكون مناسبةً للتحسين والتطوير. وحين تكون الفكرة متميزة لابد أن نكافئ الموظف على مجهوده الذي بذله، فنحن في شركة الإمارات العالمية للألمنيوم نقدّر جهود موظفينا".

لدينا برامج عديدة لمكافأة الموظفين أصحاب الاقتراحات، مثل جلسات التجمع التي يحضرها مدراء الأقسام، وكذلك حفلات جوائز التقدير التي يترأسها الرئيس التنفيذي تقديراً للموظفين على مساهماتهم. كما يوجد الحفل السنوي لاختيار أفضل الاقتراحات والذي يضم العديد من الفئات. كما يوجد حفل "جائزة راشد" حيث يكرم الرئيس التنفيذي وأعضاء اللجنة التنفيذية الموظفين المتميزين في الشركة، وقد قررت اللجنة التنفيذية هذا العام مفاجأة الموظفين الفائزين بتكريمهم شخصياً في مواقع عملهم  أمام أقرانهم بدلاً من تنظيم حفل لتوزيع الجوائز نظراً للظروف الحالية. 

ويحصل الموظف على مكافأة مالية بسيطة مقابل كل اقتراح يقدمه، وتزيد المكافأة في حال تم تنفيذ الاقتراح بنجاح وساهم في تحقيق وفورات كبيرة.

ولكن ذكرى التكريم المفضلة لدى راجو حدثت قبل ما يقارب 25 عاماً، وهو الموقف الذي كان أساساً لبداية برنامج الشركة الأول من نوعه حتى اليوم.

قال راجو: "وافقت الإدارة في العام 1997 على تقديم الدعم لموظفيها من أجل المشاركة في مسابقة أفضل الأفكار "Ideas UK" التي عقدت في المملكة المتحدة". وأضاف: "ربح موظفو شركة الإمارات العالمية للألمنيوم أول جائزة دولية للشركة لإقتراح في فئة الأفكار البيئية، وشعر الجميع بالفخر في هذه اللحظة. ما زلت أذكر الفرحة على وجوه أصحاب الاقتراح الذين سافروا إلى المملكة المتحدة وعادو حاملين هذا الوسام بفخر. ومنذ ذلك الحين، دعمت شركة الإمارات العالمية للألمنيوم حوالي 150 موظف من أجل المشاركة في مسابقات محلية وعالمية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وألمانيا، وحصلت على أكثر من 100 جائزة في هذه المسابقات".

ثمة ذكرى أخرى لاتغيب عن بال راجو حدثت قبل خمس سنوات، عندما اقترح موظفو الصيانة في موقع الطويلة فكرة بديلة أفضل من شراء جهاز لتنظيف الأرضية بتكلفة حوالي مليون درهم. أكمل راجو قائلاً: "استخدم الفريق جهاز تنظيفٍ بتقنية التحكم عن بعد يتمتع بمميزات متقدمة وصُنع بأكمله محلياً". وأضاف قائلاً: "لم ينفق الفريق الكثير من المال على هذا الجهاز ولكن عملهم هذا ساهم في توفير ما يقارب 900,000 درهم ، وهو خبر أسعد بالتأكيد الرئيس التنفيذي".

وأشار راجو أن هذا الاستحسان لم يكن بسبب توفير المال وحسب، بل لإعادة تدوير الكثير من المواد في تصنيع الجهاز الجديد، مما جعل عملية تصنيعه أكثر استدامة، "كان ذلك شيئاً رائعاً".

"دائماً ما نرحب بكل الاقتراحات التي تطرح، حتى لو لم يكن تأثيرها ضخماً فهي في النهاية تغيير للأفضل، ومن الأمثلة على ذلك اقتراح تغيير مصب المياه في العام 2006 أو اقتراح جهاز التنظيف الرائع في العام 2016."

ذكر راجو أن الشركة وفرت خلال السنوات الخمس الماضية مايقدّر بقيمة 145 مليون درهم بفضل اقتراحات الموظفين.

وأضاف: "العديد من التحسينات الصغيرة تحقق تغييراً كبيراً إذا اجتمعت، وإن تشجيع الجميع على تقديم أفكارهم بذاته أمرٌ مهمٌ حتى لو كانت نسبة صغيرة منها ستحقق النجاح المطلوب".

وتابع راجو: "قدمت الشركة خلال العام الماضي مكافآت مالية لما يصل عدده إلى 19,000 اقتراح، بينما حقق 237 اقتراحاً منها فقط الوفورات التي وصلت إلى 40 مليون درهم. في الشركة نحتاج من الجميع أن يفكر ويقترح التحسينات الممكنة ونأمل منهم أن يقدموا هذه الأفكار دوماً فذلك كما لو أن الشركة تمتلك منجماً للأفكار الذهبية".

وتلقى راجو، المشرف المعتمد لبرنامج اقتراحات الموظفين، طلبات من العديد من الشركات والمؤسسات الأخرى لمقارنة برامج التطوير المستمر الخاصة بهم مع برنامج اقتراحات الموظفين التابع لشركة الإمارات العالمية للألمنيوم.

وعلق قائلاً: "على مدار سنوات كثيرة، أتت إلينا العديد من المؤسسات - من الوزارات ومقدمي الخدمات العامة إلى كبرى الشركات - لإجراء مقارنة معيارية مع برنامجنا بعد أن شهدوا نجاحه الكبير والمستمر، وقد كانت فرصة كبيرة للتعلم بالنسبة لنا أيضاً".

ويرى راجو أن هناك سبباً أساسياً في نجاح برنامج اقتراحات الموظفين في شركة الإمارات العالمية للألمنيوم وهو نظام اللامركزية، حيث ننفذ الاقتراحات المعتمدة خلال 90 يوماً، ولا يحب أن تُصنف الأفكار الأخرى الغير معتمدة على أنها مرفوضة إنما تُصنف على أنها غير ممكنة حالياً.

 وأضاف: "أفضل ما قامت به شركة الإمارات العالمية للألمنيوم في بداية الأمر هو أن الاقتراحات كانت تتوجه مباشرة إلى الشخص المسؤول عنها، فلم يكن النظام مركزياً أبداً بل كان نظاماً لامركزياً يذهب للقسم المختص".

 "فإذا أراد الموظف معرفة وضع اقتراحه، فإنه يستطيع معرفة كل شيء بسهولة، ويمكن لجميع الموظفين الاطلاع على كافة الاقتراحات. لقد تم تقديم ما يقرب من 500,000 اقتراح منذ العام 1999، ويمكن لأي موظف الاطلاع عليها جميعاً وصولاً إلى أول اقتراح. كما نوفر لموظفينا حالياً تطبيقاً على هواتفهم المتحركة لتقديم أفكارهم بشكل أسهل وأسرع".

 وفي محاولة لتسريع هذه العملية، أشار راجو إلى تخطيط شركة الإمارات العالمية للألمنيوم لإطلاق برنامج "اقتراحات الموظفين 2.0" قبل العام 2022. فرغم كل شيء، مهما كانت عمليات الشركة تسير بصورة جيدة، هناك فرصة للتحسين دائماً ".

وأعرب راجو عن سعادته وفرحته من أن البرنامج الذي أطلق في العام 1981 للاستفادة من الإمكانات الكاملة للموظفين من أجل التحسين المستمر لعمليات الشركة قد أتم عامه الأربعين.

وواصل راجو حديثه قائلاً: "أعلم أن البرنامج ما كان ليحقق هذا النجاح لولا اهتمام الإدارة العليا وتفاني وإخلاص الموظفين من جميع المستويات والأقسام المختلفة في الشركة، ويعود الفضل في نجاح برنامج اقتراحات الموظفين إلى مجموعة من العوامل أساسية، أهمها ثقة الإدارة بموظفي الشركة وتقدير معرفتهم وإمكانياتهم".

وأضاف: "تقول معظم الشركات إن "موظفينا هم رأس مالنا الحقيقي"، ولكن الفارق بيننا وبينهم أننا في شركة الإمارات العالمية للألمنيوم نؤمن  بهذه العبارة".

"لم أرَ يوماً أن الإشراف على برنامج اقتراحات الموظفين مجرد وظيفة بالنسبة لي، فأنا أستمتع بعملي وبمشاهدة مساهمات الموظفين والموظفات في نجاح الشركة وقد كان لبرنامج اقتراحات الموظفين نصيباً كبيراً من هذا النجاح".