تنبيه: احذر من المواقع الاحتيالية وعمليات التصيد الاحتيالي. اعرف المزيد.

image description

بناء اقتصاد قائم على المعرفة

يروي لنا مهندسو "الإمارات العالمية للألمنيوم" قصة مشاركتهم في أول عملية نقل على المستوى الدولي للتكنولوجيا التي تم تطويرها في دولة الإمارات العربية المتحدة

في العام 2016، ، بعثت شركة "الإمارات العالمية للألمنيوم" فريق يتكون من 40 مهندس و فني إلى البحرين للعمل في مشروع يمثل أكبر تحدياً واجهوه حتى هذه اللحظة، وهو مشروع نقل تقنية DX+ Ultra لصهر الألمنيوم، والتي طورتها "شركة الإمارات العالمية للألمنيوم"، إلى شركة "ألمنيوم البحرين" (ألبا) لاستخدامها في مشروع توسعة خط الإنتاج السادس. وفي العام الماضي، وبعد مرور 34 شهراً من العمل المضني، أُعلن الانتهاء من تنفيذ المشروع رسمياً.

تم اختيار شركة "الإمارات العالمية للألمنيوم" في عام 2016، متقدمة على شركات رائدة أخرى، عندما أقامت شركة "ألبا" مناقصة عالمية لتزويدها بالتقنيات اللازمة لأعمال التوسعة الشاملة التي تخطط لإجرائها. يمثل الفوز بهذه المناقصة إنجازاً تاريخياً على طريق تطوير اقتصاد قائم على المعرفة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد وضع شركة "الإمارات العالمية للألمنيوم" في مصاف شركات الألمنيوم الكبرى التي تحقق الأرباح من الابتكارات التقنية إلى جانب تصنيع الألمنيوم. وأصبحت شركة "الإمارات العالمية للألمنيوم" أول شركة صناعية إماراتية ترخص تقنياتها الصناعية الأساسية على المستوى الدولي. وفي تعليقه على الفوز بالمناقصة، قال مصطفى أنور، أحد مهندسي "الإمارات العالمية للألمنيوم" في قطاع نقل وتطوير التقنيات: "توجب علينا إثبات كفاءتنا. تنافسنا مع شركات من كل أنحاء العالم للحصول على هذا المشروع، ولذلك كان علينا إثبات أن تقنياتنا من أكفأ التقنيات على مستوى العالم".

العمل الجماعي

كان انتقال مهندسي وفنيي شركة "الإمارات العالمية للألمنيوم" إلى البحرين سريعاً مباشرة بعد الفوز بالمناقصة، وذلك من أجل دعم شركة "ألبا" خلال إنشاء المصنع الجديد الضخم. ويقول جمال الحميري، أحد المهندسين الرئيسيين في الفريق: "كان مشروعاً ضخماً. وفي أي مشروع إنشائي كبير، ينبغي أن تقوم بالعمل خطوة بخطوة، ولكن كانت المواعيد النهائية تتغير دائماً، وكان القيام بالعمل بلا أخطاء وفي الوقت المناسب يمثل تحدياً كبيراً".

وأوضح الحميري كيف كان لشركة "ألبا" حرية اختيار موردي المواد اللازمة لتصنيع أجزاء خلايا الاختزال العاملة بتقنية DX+ Ultra، والتي يُصهر فيها الألمنيوم. وكان يجب أن يفحص هو وفريق "الإمارات العالمية للألمنيوم" هؤلاء الموردين بدقة من أجل ضمان قدرتهم على تلبية المتطلبات الدقيقة المطلوبة. وعند الموافقة على النموذج الأولي، قام هؤلاء الموردون بتصنيع أكثر من 100 جزء لبناء كل خلية. وكانت "الإمارات العالمية للألمنيوم" مسؤولة عن الموافقة على أول 10  خلايا، ثم فحص البقية بعد التصنيع.

قد يبدو هذا بسيطاً نسبياً، ولكن عبد العزيز علي سرحان، أحد المهندسين الرئيسيين في الفريق والذي كان مسؤولاً عن الإشراف على تصنيع النماذج الأولية لقدورلخلايا خط الإنتاج السادس، أشار إلى أن هذه العملية كانت بعيدة كل البعد عن البساطة، وأوضح قائلاً: "هذه  الخلايا تشبه البشر، حيث تختلف استجابة كلٍ منها تحت نفس الظروف. تبدو هذه  الخلايا حين تضغط على زر التشغيل وكأنها إنسان تدب فيه الحياة، ويمكن لأي تغيير بسيط في ظروف التشغيل أن يسبب تأثيراً هائلاً. فيمكن أن ترتفع درجة الحرارة بإفراط أو تنخفض بإفراط، وعليك أن تكتشف طريقة لجعلها تؤدي عملها بسلاسة ويجب أن تواصل العمل بهذه الطريقة. لو أن هذه  الخلايا توقفت عن العمل وتجمدت، فستجد نفسك أمام عملية تنظيف يدوية كبيرة".

وتابع سرحان قائلاً: "ولهذا السبب، بمجرد تشغيل هذه  الخلايا،  عليك أن تستيقظ في الرابعة فجراً وتتوجه إلى موقع العمل، حيث تظل تعمل حتى العاشرة أو الحادية عشر مساءً". وأوضح بكل جدية أن الحافز وراء العمل لهذه الفترات الطويلة على مدار شهور هو "أنك تفعل ذلك لأنه لا مجال للخطأ. فلديك موعد يجب أن تفي به".

انتقل مصطفى أنور، مهندس المساحة وخبير تقنية تبطين قدور الصهر، للعيش في البحرين من يناير 2018 ولغاية أبريل 2019، حيث كان يقود مرحلة الإنشاء، وكان أول مواطن إماراتي يمثل شركة "الإمارات العالمية للألمنيوم" في شركة "ألبا". وبنفس النبرة الجدية التي تميز بها حديث سرحان عندما سلط الضوء على تجربته كقائد للفريق الذي كان مسؤولاً عن دعم تركيب أكثر من 400  خلية ضمن عملية توسيع خط الإنتاج السادس خلال ما يزيد قليلاً عن سنة: "كان ينبغي أن أتعلم سريعاً وأن أتكيف بسرعة مع جدول التركيبات بالإضافة إلى التكيف مع المؤسسة الجديدة والفريق الجديد. وبصفتي إماراتي شعرت أنني لا أمثل شركة "الإمارات العالمية للألمنيوم" فحسب، بل أمثل وطني. ولحسن الحظ كان الجميع في شركة "ألبا" متعاونين للغاية وكانت تجربة تستحق العناء".

كانت الصداقة عاملاً مساعداً للفريق أمام التحديات الأخرى، مثل تلك التي ظهرت في أعقاب هطول أمطار غزيرة غير معتادة تسببت في توقف بعض  الخلايا مؤقتاً لأن السقف كان لا يزال على قيد الإنشاء. قال أنور: "كان علينا حل هذه المشكلة دون التأخر عن الجدول الزمني أو التنازل عن الجودة. كانت فترة عصيبة، وقال زملائي في "ألبا" إن السماء لم تمطر بهذه الطريقة منذ 50 عاماً. لكننا واجهنا التحدي وحسَنا طريقة عملنا للتأكد من الاستعداد لأي احتمالات مستقبلية".

وفقاً لمديرة المشروع بالفريق، نادية أهلي، "واجه فريق "الإمارات العالمية للألمنيوم" في البحرين قيوداً زمنية. كانت شركة "ألبا" تريدنا أن نبني ثمانية  خلايا في اليوم كي ننجز العمل في الموعد المحدد. أردنا تلبية توقعاتهم، ولكن دون الإخلال بجودة العمل. كان ذلك صعباً، لكننا تمكنا من تحقيق كلا الهدفين، وهو ما فعلناه من خلال العمل ليلاً ونهاراً".

وباعتبارها المرأة الوحيدة المشاركة في فريق "الإمارات العالمية للألمنيوم" المتخصص في بناء خلايا الاختزال وبدء تشغيلها، أوضحت نادية أهلي قائلة: "واجهت في البداية بعض الشكوك من بعض أعضاء الفريق من خارج شركة "الإمارات العالمية للألمنيوم" لكوني امرأة. ولكن في نهاية المشروع، كان واضحاً أن الجميع أصبح يثق تماماً في قدرتي على إدارة العمليات. كان من الرائع أن نمتلك جميعاً نفس الهدف ونفس التركيز ونفس الرؤية. فهذا كان سبباً في ترابط الفريق معاً".

ارتبطت هذه الثقة والاحترام أيضاً بمهندسي "ألبا" المشاركين في المشروع، حيث كانوا يحظون بتقدير كبير من جانب فريق "الإمارات العالمية للألمنيوم". ويقول الحميري موضحاً: "نتيجة لذلك، تمكنا من إنجاز العمل في المواعيد المحددة. كنا نرى مقدار العمل الذي يتعين عليهم القيام به، ونقول لأنفسنا إنهم لن يستطيعوا إنجازه، ولكنهم أنهوا جميع المراحل في الوقت المحدد. لم أكد أصدق أن بإمكانهم تحقيق بعض أهدافهم، لكنهم حققوها". وأشار إلى أنه تم الانتهاء من عمليات الإنشاء خلال 23 شهراً، متفوقين على متوسط معدل الإنشاء في القطاع البالغ 30 شهراً.

التطوير من أجل المستقبل

بعد اكتمال المشروع بنجاح، كان المهندسون يتحدثون بكل فخر عن كيفية تعزيز هذا الإنجاز لمكانة شركة "الإمارات العالمية للألمنيوم" كإحدى الشركات الرائدة في صناعة الألمنيوم على مستوى العالم. يقول سرحان: "أصبحت "الإمارات العالمية للألمنيوم" شركة لتطوير التقنيات وللصناعات التحويلية على حد سواء، وهذا يضعنا في مكانة عالية بين كبرى الشركات الرائدة في هذا القطاع. كما تقوم الشركة بتطوير تقنيتها الخاصة على مدار فترة زمنية طويلة، مما يسمح لنا بالتنافس مع الشركات الكبرى الأخرى".

وأضاف الحميري: "قطاع تصنيع الألمنيوم محدود، ونعرف بعضنا جيداً. وهناك مؤتمرات سنوية نلتقي فيها جميعاً ونشارك إنجازاتنا. و  وقد كان فريق شركة "ألبا" يعرف ما نحن قادرون على فعله من خلال أعمالنا التقنية في مشاريعنا في  الدولة،ولكن كان علينا أن نتنافس مع أفضل مزودي التكنولوجيا في العالم، وقد فزنا بفضل تقنياتنا المتطورة".

والآن بعد أن عاد المهندسون من البحرين واستقروا في وظائفهم في شركة "الإمارات العالمية للألمنيوم"، فإنهم متحمسون لتنفيذ الخطط المستقبلية لقسم التقنية في الشركة. ومع ذلك، يقول سرحان، مؤكداً على التزام "الإمارات العالمية للألمنيوم" بالتعلم والتطوير المستمر: "إن مهمتنا الأولى هي إعداد مواد تتضمن خبراتنا المكتسبة في "ألبا"، بحيث يمكن تطبيقها على المشاريع المستقبلية، إذ نعمل باستمرار على تطوير تقنيتنا وعلينا أن ندرس تأثير الثورة الصناعية الرابعة على مشاريعنا المستقبلية، ونتعلم أفكاراً جديدة من جميع أقسامنا ونجمعها لتخيل كيف سيبدو مصهر المستقبل".

ويرى الحميري أن هناك العديد من أسباب التفاؤل بشأن مستقبل صهر الألمنيوم، حيث يبدو أكثر مسؤولية من الناحية البيئية، وأكثر أماناً للعمال و بشكل آلي .

الأهم من ذلك كله أن كل مهندس ركز في حديثه على الصداقات الجديدة التي تحققت خلال العمل على هذا المشروع العملاق الذي يمثل إنجازاً رائعاً لكل منهم.

صرحت نادية أهلي بحزن: "عندما ترحل، فإنك ترحل محملاً بالكثير من الذكريات ولديك الكثير من الأصدقاء الذين لن تنساهم أبداً. كما تتعلم الكثير، ليس فقط عن التكنولوجيا ولكن أيضاً عن القيادة وحل المشكلات وضبط النفس وإدارة الفريق. لقد كنا محظوظين للغاية بالمشاركة في هذا المشروع التاريخي الملهم".

تقنية DX+ Ultra

بالنسبة لأولئك الذين لا يعرفون العملية الأساسية لصهر الألمنيوم، فإنها لم تتغير جوهرياً منذ اختراعها في القرن التاسع عشر. يتم إنتاج الألمنيوم في خلايا الاختزال، وهي بحجم حوض السباحة الصغير، حيث تفصل العمليات الكهروكيميائية ذات درجات الحرارة المرتفعة للغاية أكسيد الألمنيوم إلى ذرات الألمنيوم وذرات الأكسجين.

يركز السباق التكنولوجي في الوقت الراهن على كيفية صنع أكبر كمية من معدن الألمنيوم بأقل كمية من الكهرباء. وعمل فريق البحث والتطوير التابع لشركة "الإمارات العالمية للألمنيوم" منذ سنوات على زيادة إنتاجية خلية الاختزال، من خلال تقليل تكاليف الطاقة ورأس المال والتكاليف التشغيلية، بالإضافة إلى زيادة الإنتاج وتحسين التأثير البيئي. كانت نتيجة ذلك هي ظهور تقنية DX+ Ultra، وهي تقنية من الجيل العاشر من شركة "الإمارات العالمية للألمنيوم" وتعد من بين أكثر التقنيات كفاءة على صعيد صناعة الألمنيوم العالمية من خلال الكفاءة الاستثنائية في استخدام الطاقة. ويعني حجم  خلايا DX+ Ultra وطريقة إنشائها أيضاً أن المباني التي تحتوي عليها يمكن أن تكون أصغر وأقل تكلفة، حيث توفر تقنية DX+ Ultra أعلى إنتاج لكل متر مربع من المساحة  عن أي تقنية صهر أخرى موجودة.

نصت اتفاقية ترخيص التقنية مع شركة "ألبا" على أن تعمل تقنية DX+ Ultra باستخدام 460 كيلو أمبير في خط الإنتاج السادس. وفي الوضع الحالي، تعمل  خلايا الصهر بأكبر من معايير التصميم الأصلية هذه، إذ تعمل باستخدام 465 كيلو أمبير، وتبلغ كفاءتها الحالية 95 بالمائة ويبلغ معدل استهلاك الطاقة 12.87 كيلووات ساعة لكل كيلوغرام من الألمنيوم المنتج. ويمكن اختصار ذلك في عبارة إنتاج مزيد من الألمنيوم، مع توفير ضخم في تكاليف الطاقة، وتحقيق الهدف النهائي المهم للغاية، وهو خفض الانبعاثات.

وقال علي البقالي، الرئيس التنفيذي بالإنابة لشركة "ألمنيوم البحرين" في بيان يشيد بالمساهمات التكنولوجية لشركة "الإمارات العالمية للألمنيوم": "استخدام تقنية DX+ Ultra من شركة "الإمارات العالمية للألمنيوم" - إحدى أكثر التقنيات كفاءةً على صعيد صناعة الألمنيوم العالمية - ساهم في خفض إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة، بما يتماشى مع أهداف الاستدامة لدينا".