تنبيه: احذر من المواقع الاحتيالية وعمليات التصيد الاحتيالي. اعرف المزيد.

image description

بناء اقتصاد دائري

شركة الإمارات العالمية للألمنيوم تسعى إلى الاستفادة من النفايات الصناعية لتعزيز القيمة الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

تنتج عن صناعة الألمنيوم كميات كبيرة من المنتجات الثانوية مثل معظم العمليات الصناعية. ولكن ماذا لو تمكنا من تحويل هذه المنتجات الثانوية التي نعتبرها "نفايات" إلى موارد آمنة ومستدامة يمكننا استخدامها في صناعات أخرى؟

يسمى هذا المفهوم بالاقتصاد الدائري ولطالما بحث محمد الجوي في كيفية تطبيقه في شركة الإمارات العالمية للألمنيوم للحد من الهدر. وباعتباره مدير إدارة البيئة والنفايات  والجودة والإبتكار في الشركة ، فإن مهمته الأساسية هي تحسين الأداء البيئي للشركة من جميع الجوانب. وعلى مدار الأعوام العشر التي قضاها في الشركة تم تحقيق الكثير من الإنجازات على هذا الصعيد، حيث تمكنت الإمارات العالمية للألمنيوم في العام الماضي من إعادة تدوير 140,000 طن تقريباً من النفايات الصناعية بزيادة وصلت إلى 37% عن الكمية التي تمت إعادة تدويرها في عام 2018 على الرغم من انخفاض كمية النفايات الناتجة عن تصنيع الألمنيوم.

وعلى الرغم من النجاح الذي حققته الشركة، يسعى الجوي إلى تعزيز هذا النجاح والمساهمة في تحقيق تطلعات الإمارات العالمية للألمنيوم على المدى الطويل والتي تهدف إلى إعادة تدوير النفايات بشكل كامل دون الحاجة إلى معالجة أي كمية منها في مكب النفايات. وفي هذا الإطار، برزت أهمية إعادة تدوير بقايا بطانة الخلايا المستهلكة الناتجة عن صهر الألمنيوم لأنها تتيح العديد من الفرص لتطوير القطاع.

 بقايا بطانة الخلايا المستهلكة هي أحد المنتجات الثانوية الناجمة عن صهر الألمنيوم، حيث يتم صهر الألمنيوم بداخلها. وينجم عن صهر الألمنيوم أكثر من مليون طن من  بقايا بطانة الخلايا المستهلكة سنوياً على المستوى العالمي، حيث يتم تخزين الكثير منها لفترة طويلة ولا يتم استخدامها بشكل اقتصادي مستدام. أما في شركة الإمارات العالمية للألمنيوم فتتبنى نهجاً مختلفاً يعتمد على التعاون الوثيق مع شركات الإسمنت في دولة الإمارات لتسخير بقايا صهر الألمنيوم كمواد مستدامة يمكن إعادة تدويرها لاستبدال بعض المواد المقاومة للحرارة المستخدمة في تصنيع الإسمنت.

وبدأت الجهود التعاونية في عام 2010 وهو نفس العام الذي انضم فيه الجوي إلى شركة الإمارات العالمية للألمنيوم للمساهمة في إيجاد حلول بيئية للشركة، حيث يتمتع الجوي بخبرة كبيرة في قطاع النفط والغاز وهو حاصل على  درجة البكالوريوس في الكيمياء والكيمياء الحيوية من جامعة بوسطن في الولايات المتحدة وكذلك درجة الماجستير في إدارة المشاريع من الجامعة البريطانية في دبي.

ويتولى الجوي حالياً مسؤولية تطوير وتنفيذ أنظمة الإدارة البيئية في الإمارات العالمية للألمنيوم، حيث حقق إنجازات هامة في هذين المجالين منذ انضمامه إلى الشركة. وتحدث الجوي عن ذلك قائلاً: "تم تزويد مصهر الطويلة التابعة للإمارات العالمية للألمنيوم في أبوظبي والتي تم افتتاحها في عام 2009 بأفضل التقنيات المتاحة. ومهمتي هي تطوير وتنفيذ أفضل ممارسات وأنظمة الإدارة".

الاستفادة من النفايات

ركز الجوي على استغلال بقايا صهر الألمنيوم على أكمل وجه. وقال بأن الممارسة الأكثر شيوعاً على المستوى العالمي هي معالجة النفايات التي تتكون من الكربون الملوث والمواد المقاومة للحرارة حتى تصبح خاملة بعض الشيء ثم يتم تخزينها لفترة طويلة. ويسعى الجوي إلى استخدام النفايات بشكل كامل، حيث ينتج عن صهر الألمنيوم في مصانع الإمارات العالمية للألمنيوم ما يصل إلى 33000 إلى 35000 طن تقريباً من هذه النفايات التي تتم إعادة استخدامها كمواد خام في صناعة الإسمنت منذ عام 2016.

وقال الجوي: "واجهنا تحديات كبيرة في البداية لأن العاملين في مصانع الإسمنت لا يعرفون أي شيء عن هذه المادة. وكان يجب أن أوضح لهم أن تركيب المادة يشبه تركيب المواد التي يستخدمونها في تصنيع الإسمنت بشكل كبير. ويمكن الاستفادة من بقايا صهر الألمنيوم في إنتاج الفولاذ و الاسمنت، إلا أن قطاع الإسمنت هو الأكبر في الإمارات ولذلك أخذت على عاتقي مسؤولية التواصل مع مصانع الإسمنت في الدولة".

وفي هذا الإطار، قال الجوي بأن الإمارات العالمية للألمنيوم "تمكنت من تحقيق الفائدة للطرفين" من خلال التعاون مع خبراء صناعة الإسمنت على شرح إمكانية تسخير بقايا صهر الألمنيوم كمادة خام في تصنيع الإسمنت. ونتج عن ذلك موافقة مصنع أو مصنعين من مصانع الإسمنت على استخدام النفايات. ومنذ ذلك الحين اتسع نطاق الاعتماد على بقايا بطانة الخلايا المستهلكة ليشمل ست أو سبع شركات  التي تستخدم كميات أكبر بكثير في وقتنا الحالي.

ولحساب الفوائد التي تجنيها من استخدام بقايا صهر الألمنيوم بشكل دقيق، وجهت الإمارات العالمية للألمنيوم دعوة إلى مجموعة من طلاب معهد ماساشوستس للتكنولوجيا لدراسة فوائد استخدام هذه البقايا في تصنيع الإسمنت. وتحدث الجوي عن هذا التعاون قائلاً: "كنا نعرف بأنه مشروع ناجح ولكن أردنا تحديد كمية الانبعاثات واستهلاك الطاقة ووجدنا أن مستويات ثاني أكسيد الكربون انخفضت بنسبة وصلت إلى 3.5%. كما انخفض استهلاك الطاقة كذلك. وربما لا تبدو النسبة كبيرة إلا أنها تمثل كمية هائلة، إذ أن الانبعاثات الناتجة عن مصانع الإسمنت في جميع أنحاء العالم تأتي في المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة والصين".

وبفضل الجهود التي بذلتها الإمارات العالمية للألمنيوم، تمكنت الشركة من تخفيض مخزونها من النفايات حيث زودت مصانع الإسمنت بكميات أكبر مما تنتجه. وفي عام 2019، وفرت الإمارات العالمية للألمنيوم 46,696 طن من النفايات إلى مصانع الإسمنت في الإمارات بزيادة وصلت إلى 13% مقارنة بعام 2018.

وفي الأعوام الأخيرة، تم توفير منتج ثانوي آخر إلى قطاع الإسمنت، حيث عملت الإمارات العالمية للألمنيوم على إعادة تدوير 28,000 طن من غبار الكربون في عام 2019 من خلال توفيرها إلى قطاع الإسمنت 

لاستخدامها كوقود بديل. وتحدث الجوي عن ذلك قائلاً: "هذا مثال آخر على الاقتصاد الدائري، حيث تزود الإمارات العالمية للألمنيوم مصانع الإسمنت بمنتج ثانوي يسهم في الحد من استيراد الوقود".

طموحات كبيرة

على الرغم من نجاح المشروع، إلا أن طموحات الجوي وفريق عمله لم تتوقف عند هذا الحد، حيث يرغب الجوي بإعادة تدوير جميع المنتجات الثانوية الناجمة عن عمليات صهر الألمنيوم في الشركة، إذ قال: " على الرغم من أننا نعيد تدوير معظم المنتجات الثانوية، إلا أننا نرغب بإعادة تدويرها بالكامل".

ولتحقيق هذا الهدف، تعاونت شركة الإمارات العالمية للألمنيوم مؤخراً مع إحدى الشركات على بناء منشأة لمعالجة النفايات بالقرب من  موقعها في الطويلة. وقال الجوي: "النفايات عبارة عن خليط من الألمنيوم والمواد غير المعدنية التي تنتج عن عملية الصب. وقد اعتدنا على إرسالها إلى إحدى الشركات لفصل المعادن عن المواد غير المعدنية والتي تسمى "خبث الألمنيوم"، حيث يتم التخلص منها. وتتيح المنشأة الجديدة تحويل هذه النفايات إلى مواد تستخدم في الإنتاج".

وتسعى الإمارات العالمية للألمنيوم كذلك إلى استخدام بقايا البوكسيت بشكل مفيد من الناحية الاقتصادية، حيث يعتبر البوكسيت واحداً من المواد الثانوية الناتجة عن تكرير الألومينا. وعلى الرغم من الأبحاث الأكاديمية التي تناولت إمكانية استخدام البوكسيت والتي تم إجراؤها على مدار عدة عقود، إلا أن معظم مصانع الألمنيوم في العالم ما زالت تخزن بقايا البوكسيت لفترات طويلة باعتبارها نفايات. وتركز الأبحاث التي تجريها الإمارات العالمية للألمنيوم على استخدام بقايا البوكسيت في دولة الإمارات على نطاق واسع. وفي حال نجاح هذا المشروع سيمثل إنجازاً كبيراً على المستوى العالمي. وتحدث الجوي عن الموضوع قائلاً: "يتم إعادة تدوير ما يصل إلى 2% من البوكسيت على المستوى العالمي. ولذلك فإن مهمتنا تنطوي على تحقيق تغيير كبير في هذا المجال".

وأكد الجوي أن التحديات التي واجهها على مدار عقد من الزمن كانت دافعاً للاستمرار في عمله بشركة الإمارات العالمية للألمنيوم، حيث قال: "نواجه العديد من التحديات البيئية في قطاع الألمنيوم وأنا أستمتع بالعمل على إيجاد الحلول لمواجهة هذه التحديات. كما أن فريق الإدارة يوفر دعماً كبيراً مما يتيح استكشاف خيارات جديدة معاً وهذا ما يجعل عملي ممتعاً".

ويعتقد الجوي أن هذه السياسة ساهمت في تعزيز سمعة الإمارات العالمية للألمنيوم، حيث قال: "شاركت في الكثير من الندوات والمؤتمرات حول صناعة الألمنيوم في جميع أنحاء العالم وقد أثنى الجميع على شركتنا باعتبارها واحدة من الشركات الرائدة في إدارة النفايات".

يهتم الجوي بعمله ويستمتع به كثيراً، كما ينقل هذا الاهتمام والشغف إلى حياته العائلية. وتحدث الجوي عن هذا الشغف قائلاً: "قمت بتركيب ألواح الطاقة الشمسية على سطح منزلي". وفي نهاية اللقاء، ابتسم الجوي قائلاً: "دربت أطفالي على إعادة تدوير المواد، حيث نستخدم العبوات الزجاجية لحفظ مياه الشرب في منزلنا. وأعتقد أننا نجحنا في ذلك إلى حد كبير على الرغم من أن بعض أفراد الأسرة غير ملتزمين تماماً". وكرر عبارته ضاحكاً.

لقد حققت الشركة تقدماً كبيراً في مساعيها للحفاظ على البيئة ولكن ما زال هناك الكثير من العمل الذي ينبغي إنجازه.